كنا نظنه زواجا كاثوليكيا حتى لوح الأمريكيون بورقة الطلاق (جاستا )

كنا نظنه زواجاً كاثوليكياً حتى لوّح الأمريكيون بورقة الطلاق (جاستا) …
بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي…
لم يدرك الكثير منا أن الأمريكان قد قرروا بصورة نهائية التخلي المتدرج عن حليفتهم الإستراتيجية السعودية و أعباءها الأمنية على كواهلهم إلا متاخراً وذلك يوم ان قاموا بجرها إلى المستنقع اليمني و تركها تغوص و تغرق فيه أكثر و أكثر، إلا أن البعض قد ظل يشكك و يراهن على حميمية العلاقة الدافئة بين الادارتين ؛ الامريكية و السعودية، فهل ثمة حميميةٌ حقيقيةٌ فعلاً بينهما أم أن الأمر لايعدو عن كونه علاقات و مصالح ليس إلا ؟!!
كما هو معروف عن الأمريكيين أنهم في حالة قيام أحد حلفاءهم الإستراتيجيين كإسرائيل أو السعودية بالعدوان على دولةٍ ما، لا يمكن أن يسمحوا بتجاوز ذلك العمل العسكري سقفاً زمنياً معيناً لا يتجاوز الستين يوماً و ذلك خوفاً على حليفهم من إنعكاسات العدوان و تداعياته عليهم سلباً في حالة إستمر و طال أمد العدوان .
يتبين ذلك من خلال حروب إسرائيل كلها مع العرب حيث كان الأمريكيون يتدخلون لإيقاف أي حربٍ تندلع بالضغط على العرب من جهة و من جهة أخرى تقديم النصح للإسرائيلين بعدم جدوى إستمرارهم في العدوان، و هذا ما لمسناه جلياً في حرب تموز 2006 على لبنان و في العدوان على غزة في 2008، و 2010 حيث أن الأمريكيين هم من قام بالضغط لإيقاف تلكم الحروب عندما رأوا عدم قدرة الإسرائيليين على تحقيق أي هدفٍ معلن لهم …
بالعودة الى موضوعنا نجد أن الأمريكيين كانوا قد رموا بكل ثقلهم دعماً و تأييداً و دفاعاً عن حلفائهم السعوديين في مراحل تاريخية مختلفة لدرجة أنهم خاضوا حربين في العراق لعيني النظام السعودي و حفاظاً على بقاءه و ديمومته كما كانوا يدعون، فلماذا اليوم و رغم دعمهم لوجستياً و عسكرياً قد تركوا السعوديين يغوصون في مستنقع العدوان على اليمن مع علمهم و إدراكهم بالعواقب الوخيمة و الكارثية التي ستطال مملكة بني سعود جراء تماديهم في عدوانهم و إستمرارهم فيه ؟! و هل فعلاً بدأ الأمريكيون بالتخلي التدريجي عن حلفاءهم السعوديين، و لماذا ؟!!
في الحقيقة من ينظر إلى الجانب الخفي في تاريخ العلاقة السعودية الأمريكية، يكتشف أن ما كان يعتقده الناس ظاهرياً أنه ( زواجٌ كاثوليكيٌ)في طبيعة العلاقة بين الإدارتين الأمريكية و السعودية لم يكن كذلك !! و أن إرتباط أمريكا بالنظام السعودي لم يكن نابعا إلا من مصلحة أمريكية بحتة – أمنية و إقتصادية !!
فمن الناحية الأمنية، لولا السعودية لما تواجد الأمريكان بقواعدهم العسكرية و لا إحتلوا العراق، و لولاها أيضاً لما تمكنوا من القضاء على مشروع عبدالناصر القومي و تفريخه و لا إستطاعوا إستنزاف الإتحاد السوفيتي إبَّان الحرب الباردة حتى إنهار و سقط نهائياً و لا ضمنوا حماية إسرائيل…
أما من الناحية الإقتصادية، فلولا النظام السعودي لما صبت عائدات النفط السعودي الضخمة في بنوك أمريكا حتى و صلت إلى أكثر من ثلاثة ترليون دولار كودائع و إستثمارات و إحتياطي نقدي، و لولاها أيضاً لما راج سوق السلاح الأمريكي و لا نفقت بضاعته، و لولا النفط السعودي لما إحتفظ الأمريكان بمخزونهم النفطي في باطن الأرض لقرونٍ قادمة ولا موّلوا حروباً كثيرة في أكثر من منطقة …
هكذا ظل الأمريكيون يستغلون حماقة و غباء النظام السعودي لعقودٍ طويلة خلت حتى لم تَعُد السعودية لديهم اليوم ذات جدوى خاصةً و قد حصلوا منها على كل ما كانوا يريدون و يطمعون، فكأني بهم اليوم قد قرروا التخلص منهم و إشغالهم في صراعاتٍ إقليمية مفتعلة ستقود في نهايتها إلى تفكك و إنهيار المملكة السعودية إلى دويلات متناحرة متنازعة يذهب ريحها، و يذهب الأمريكيون بالثلاثة الترليون دولار و فوائدها، و ما إقرار قانون (جاستا) اليوم إلا بمثابة كتابة ورقة الطلاق لزواجٍ لم يكن يوماً كاثوليكياً بين الإدارتين لتتحمل السعودية وحدها على إثر ذلك مؤخر الصداق الباهض لأسوأ زواج مثلين بين دولتين عبر التاريخ…
#معركة_القواصم

مقالات ذات صلة

إغلاق