’اسرائيل’ تحت صدمة الرسائل الصاروخية…

محويت نت.

|| مقالات || جهاد حيدر

شكلت الرسائل الصاروخية الدقيقة التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، محطة مفصلية نوعية في معادلات الصراع مع العدو الإسرائيلي. إن لجهة المضمون الذي تناولته وما يمكن أن يترتب عليها، أو الدلالات التي انطوت عليها، اضافة إلى التوقيت الذي يحمل بذاته رسائل خاصة تتصل بمستقبل الصراع.

 

أقل ما يمكن به وصف ما كشفه سماحة الأمين العام أنه شكل مفاجأة وصدمة للكيان الإسرائيلي. واستطاع اختراق كل منزل في “إسرائيل”، خاصة وأن قنوات التلفزة وجدت نفسها مضطرة إلى ترجمة المقاطع التي أعلن فيها عن الصواريخ الدقيقة وعرضها في ذروة المشاهدة. وهو ما سيلقي بثقله على الرأي العام وموقفه من أي حرب تبادر أو تتسبب بها “إسرائيل”، ادراكاً منه أن بانتظاره صواريخ دقيقة الاصابة ستستهدف منشآته الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية في كل أنحاء فلسطين المحتلة.

 

معالم المفاجأة – الصدمة التي تلقتها “اسرائيل” ظهرت سريعاً في مبادرة نتنياهو الفورية إلى الرد المباشر على سماحة السيد، بالصوت والصورة. اذ لم يمر سوى ساعات معدودة بين رسائل الصواريخ التي أطلقها الامين العام لحزب الله، وبين نشر الفيديو الذي يظهر فيه نتنياهو وهو يرد على سماحته. وهي خطوة قد تكون غير مسبوقة في تبادل الرسائل بين رأس الهرم في حزب الله ورأس الهرم في قيادة العدو.

في مضمون رده، لم يجرؤ نتنياهو على المغامرة بالتشكيك في مضمون ما كشفه سماحة السيد، وهو أمر لو حصل كان يفترض أن يؤدي إلى تشويش الصورة بنظر الرأي العام الإسرائيلي، انطلاقا من أن قيادته الرسمية تنفي بشكل رسمي ما أعلنه السيد. لكن الذي حصل أن نتنياهو تجاهل هذه القضية التي تشكل محور السجال، ورأس اهتمامات المؤسسة السياسية والامنية في الكيان. ولا يوجد تفسير لهذا التجاهل سوى أنه إقرار من قبل رأس السلطة في “تل ابيب” بجدية وصحة ما كشفه حزب الله عن امتلاكه صواريخ دقيقة.

ايضا، في المضمون، بدا واضحاً أن نتنياهو حاول تقليد السيد في المعادلة التي حددها بالقول “إذا فرضت “إسرائيل” على لبنان حرباً ستواجه “إسرائيل” مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام”، فرد نتنياهو أنه “اذا ما واجهنا حزب الله سيتلقى ضربة ساحقة لم يتخيلها”.

 

يلاحظ ايضا، أن نتنياهو ربط اعتداءه “الساحق” بمبادرة حزب الله ابتداء وهو ما يشكل دليلا على فعالية قوة ردع حزب الله. إذ ما دام حزب الله، وضع قدراته الصاروخية في سياق دفاعي ردعي، وما دام العدو لم يهدد بالمبادرة ابتداء ردا على امتلاك هذه القدرات، بل ربط هجومه بمبادرة حزب الله، وإلا فإنه لن يبادر، هكذا تكون رسالة حزب الله الردعية قد وصلت، وفعلت فعلها في وعي صناع القرار.

 

لا حاجة للاستدلال على حقيقة أن الكشف عن الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله، سيحضر بقوة على طاولة مؤسسة القرار السياسي والامني، وفي وعي وحسابات القادة الإسرائيليين لدى دراسة خياراتهم العملانية ضد لبنان تحديداً. مع ذلك، ينبغي ايضاح الحقيقة التالية، صحيح أن حزب لله سبق أن أنتج توازن ردع في أعقاب نتائج حرب العام 2006، لكن الجديد أن حزب الله استطاع أن يرتقي في تموضعه الردعي وتعزيز موقعه في المعادلة، بعدما بات يملك قدرات هجومية أكثر فعالية على العمق الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي، وهو ما سيكون أكثر حضوراً في وعي وحسابات صناع القرار السياسي الامني.

 

تتوزع دلالات الكشف الذي أعلنه سماحة السيد، على محاور وساحات متعددة. منها ما يتصل بكافة أطراف محور المقاومة، واخرى تتصل بالمعسكر التابع للولايات المتحدة، وتؤشر أيضا إلى أكثر من رسالة تتصل بسياسة الاعتداءات التي تنفذها “إسرائيل” في الساحة السورية، ومعادلات الصراع مع “إسرائيل”. في هذا السياق، تحضر رسائل السيد نصر الله الصاروخية في توقيت مفصلي بعد فشل الرهانات الإسرائيلية على الجماعات التكفيرية لاسقاط النظام السوري، وعلى اتصالاتها الدولية، مع موسكو وواشنطن. وعادة في مثل هذه المحطات تكون قيادات العدو في مرحلة دراسة الخيارات البديلة عن فشل الرهانات والخيارات السابقة. وفي هذه المحطة بالذات أتت رسائل السيد نصر الله الصاروخية، لتفرض معطى جديداً لا يستطيع قادة العدو تجاهله في حساباتهم، وسيكون له تداعياته المتوالية التي ستبقى تظهر تباعاً.

مقالات ذات صلة

إغلاق