اليمن حقل تجارب أمريكية

محويت نت

محمد ناجي أحمد

لقد أعاد احتلال الولايات المتحدة الأمريكية العراق إلى ما قبل التكوين الوطني ومرحلة الاستقلال ،أي إلى ماقبل عام 1921م من حيث الفوضى والفساد في كل المستويات ،ونهب منظم للثروة وتكريس الاحتراب الداخلي على أسس طائفية وعرقية بل وجهوية ما بين شمال العراق وجنوبه ،كل ذلك كان بموازاة تقويض الدولة العراقية في سيادته ومرتكزاته الوطنية .
لقد كانت العراق هي حقل التجارب الاجتماية أمريكيا في المنطقة ،ومنها تم تصدير النتائج والخطوات إلى اليمن وليبيا وسوريا ،فعمليات التعذيب والقتل الممنهج التي تمت في العراق بعد الاحتلال الأمريكي كانت تتم بإشراف أمريكي من خلال مستشار وزارة الداخلية الأمريكية جيمس سيتل .الذي كانت له خبرة في قيادة الفرق الخاصة في فيتنام ،وله سجل حافل بالإجرام أثناء خدمت في السلفادور عندما كان مشرفا على تدريب وقيادة فرق الاغتيالات هناك .وكذلك ستيفن كاستيل المشرف على وحدات القتل ،وقد قام بقيادة فرق الموت في العراق مستفيدا من خبرته في قيادة فرق الموت في البيرو وكولمبيا .
إن العديد من الجرائم المنظمة التي نفذت وتنفذ بحق المئات والآلاف من المدنيين في اليمن منذ 2011م وحتى الآن يشير إلى أن العنف مُصنع ولاينتمي إلى طبيعة المجتمع اليمني الذي يستبشع قتل الأطفال والنساء وكبار السن ،هي جرائم عنف تشبه تماما تلك الجرائم التي عملت المخابرات الأمريكية وفرق الموت التابعة له على تنفيذها في أمريكا اللاتينية وفي العراق ثم ليبيا وسوريا واليمن .
لايعمل التحالف السعودي- قفاز أمريكا –على تسليح القوميين واليساريين الذين تماهوا معه ،وإنما يستخدمهم كإشهار على موت الأيديولوجيات الإنسانية ،مثابرا في تسليح جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية السلفية والقاعدة وداعش ،لأن هؤلاء هم أدوات مشروعه في إسقاط سيادة الدولة اليمنية ،والهوية الوطنية ،ليكون البديل هو ما صرح به عبدربه منصور هادي في حواره مع صحيفة الرياض :تقسيم اليمن وفقا لمعايير “ثقافية ،قبلية “أي وفقا لجغرافية سياسية أساسها الطائفية والمذهبية والعرقية والجهوية !
لقد كانت العراق خلال سنوات (2003-2005م) هي المختبر الاجتماعي لتخصيب العنف على أسس ماقبل الوطنية بإدارة مباشرة من السي آي أي،ثم تم استنساخ هذه التجارب ونقلها إلى ليبيا وسوريا واليمن ،فكل الضحايا في الأسواق والمساجد ،وجنود الأمن والمعسكرات والمستشفيات وقاعات الأعراس ،والمسافرون في الحافلات والمحطات والمساجين في أقسام الشرطة وفي الأماكن العامة والأحياء المكتضة بالسكان –كل هؤلاء الضحايا من العزّل الذين لايخوضون قتالا ،بل وأغلبهم لاينتمون إلى طرفي أطراف الصراع محليا وإقليميا ودوليا ،فيأتي استهدافهم لتزييف حقيقة الصراع السياسي ،وتقديمه على أنه صراع طائفي ومذهبي وجغرافي تصدره “الهضبة المقدسة “حسب توصيفاتهم المضللة !
هذه الجرائم الغامضة والمبهمة في دوافعها الظاهرة قد نجحت نسبيا في خديعة الضحايا الذين باتوا بسبب تغذيتهم من إعلام التحالف الأمريكي /الخليجي -يؤمنون بأن الجرائم التي ترتكب ضدهم أساسها ودوافعها طائفي، مذهبي ،جغرافي ،ولكي يتم نقض هذا الفهم المزيف نحتاج إلى نضال معلوماتي مستمر لتأكيد حقيقة هذه الجرائم التي تهدف إلى تمزيق اليمن وجعله مرتهنا دون وطنية ودولة وسيادة ووحدة .
لقد بنت أمريكا عظمتها على تدمير مدن بأكملها في الحرب العالمية الثانية مثل “درسدن ونكازاكي وهيروشيما ،وبعدها في فيتنام ،وأمريكا اللاتينية ،وهاهي تجعل من العراق نموذجا لما تمارسه في ليبيا وسوريا واليمن .
هناك تماثل كبير بين ما نهجه” بريمر” الحاكم المدني الأمريكي في العراق بعد الاحتلال في تدميره لسيادة الدولة العراقية بوضعه دستور بلاهوية وطنية وعربية نقام بتفصيله على أساس عشائري /طائفي /مذهبي /عرقي /جهوي ،وبين مشروع الدستور الذي صنعه هادي في الإمارات وفق معايير هي ذاته التي طبقها “بريمر “في العراق .
فمشروع الدستور في اليمن أساسه هويات استبعادية مغلقة ،فليس فيه هوية وطنية وإنما جوهره الأقاليم والولايات ،ولم يعن ببناء مركز قوي لهذه الأقاليم والولايات بل أعطاها استقلالا في السلطة والثروة ،مما يعني أن ما يسمى بالدولة الاتحادية ليست سوى شكل فخري تشبه تماما سلطة هادي الفخرية !

مقالات ذات صلة

إغلاق