عبدالقادر هلال في ذكراي وذاكرتي

عبدالقادر هلال في ذكراي وذاكرتي (2)

حتى أحزاننا لم تسلم من القصف !! حتى أحزاننا لم تسلم من العبث , لم تسلم من القتل , لم تسلم من العهر الوحشي !! لم تسلم من الإرهاب والإجرام اللاإنساني المتجرد من كل القيم الأخلاقية والإنسانية !! رُحماك يا الله .
صنعاء الجريحة .. صنعاء الحزينة .. صنعاء المكلومة .. صنعاء النازفة .. صنعاء الباكية .. صنعاء المفجوعة .. صنعاء المغدورة .. صنعاء الذبيحة .. صنعاء وأبناؤها المذهولون بهول الفاجعة يتساءلون , يضعون أسئلة مشروعة تستحق التوقف وتنتظر الإجابة والمحاسبة أو الإعتراف بالتقصير وعدم التكرار :
لماذا هذا التفريط الواضح الذي لا يحتاج تأويلاً ولا تبريراً ؟ هل هو الكبر والغرور أم البلادة والخبالة التي تسمح بإقامة عزاء وعزومة غداء لشخصية بحجم وزير الداخلية في الوقت الذي تسرح فيه طائرات العدوان في سمائنا قتلاً وذبحاً وإرهاباً وإرعاباً وإجراماً ؟ وكيف ذهب كل ذلك العدد من الشخصيات السياسية والوطنية والإجتماعية في هذا العزاء لمكان واحد وتحت سقف واحد ؟ هل غاب الحس الأمني أم أن الجوادة – وهذه الجوادة مشكلة تصاحبنا على الدوام – جعلتهم يعتقدون أن العدو لن يستهدف صالة عزاء ؟ بِتُّ في حيرة من أمري لا أدري ما حقيقة الأمر !! وكيف ركن كل أولئك للإجتماع في مكان واحد وقد استبيحت الأسواق والطرقات والمستشفيات والصالات والمجالس والأحياء والبيوت ؟!
كما لو رحل أبي .. أخي .. ولدي .. ذاك إحساسي بفاجعة الصالة الكبرى , بنبأ استشهاد الحكيم الأمين والسفير المكين عبدالقادر هلال !!
بكيت وهل بكاء القلب يجدي * فراق أحبتي وحنين وجدي .
فما معنى الحياة إذا افترقنا * وهل يجدي النحيب فلست أدري .
فلا التذكار يتركني لأنسى * ولا الأيام تتركني لنومي .
فراق أحبتي كم هز وجدي * وحتى اللقاء بهم سأظل أبكي .
أجزم موقناً أنه ما أحب اليمن سياسي كحبك يا ابن هلال ولا عشقها كعشقك ولا حرص عليها كحرصك ولا خاف عليها كخوفك , أقول ذلك بيقينِ معرفةٍ بالرجل وحوارات معه وجلسات ومناقشات طويلة جعلتني أراه الواله الوحيد بحب هذا الوطن والخوف عليه ولذا فعلى مثله تبكي البواكي !!
يا صديقي الحميم : عزائي أن الله اصطفاك , خلّصك , أنقذك , أعزَّك , رأى أن هذا المجتمع لا يستحقك وهذا العالم ليس عالمك وأن الأفضل لك أن تكون بجواره , في ملكوته حياً وقد قلَّدك وسام الشهادة واتخذك شهيداً (( ويتخذ منكم شهداء )) فهنيئاً لك والعزاء لنا برحيلك .
يا صديقي العزيز : والله لا أبكيك خوفاً ولا جزعاً ليقيني أنك نلت وسام الله فأنت في رحابه ولكنني أبكي فُقدتك وخسارتك , فَقْدَ الوطن لك في هذا الظروف الحالكة والوضع السيء الذي لا يحيط بخباياه غيرك ولا يفهمه سواك لأنك كنت شوكة الميزان بين جميع الأطراف .
أُودّعك يا صديقي وقلبي يقطر دماً كما تقطر قلوب اليمنيين وجرحي غائر كما هي جروح اليمنيين .
دعواتي لك بالرحمات ولجميع رفاقك الشهداء الظافرين ودعواتي لجميع الجرحى ولعناتي على العدوان وأن يجبر الله مصابنا والحمد له على كل حال وإنا إليه راجعون .
صديقك المكلوم / الحسين بن أحمد السراجي شفاه الله وعصم قلبه .
الأحد 8 محرم الحرام 1438ه الموافق 9 أكتوبر 2016م .

مقالات ذات صلة

إغلاق