المعركة المرتقبة في شوارع الرياض…

محويت نت

الكرار المداني

“الحوثيون سيتجولون في شوارع العاصمة السعودية (الرياض) قبل نهاية العام الجاري”، هكذا قالت صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية الواسعة الانتشار، متوقعة هزيمة مدوية للسعودية في حربها على اليمن. وعزت الصحيفة ذلك إلى أن “الحوثيين” استغلوا ضعف الجانب العسكري والسياسي السعودي، بعد سيطرتهم على مناطق واسعة شرق اليمن وتقدمهم باتجاه مأرب.

المقال التحليلي الذي نشرته الصحيفة مطلع الشهر الجاري، حرك المياه الراكدة، لما يحمل من توقعات مصيرية بشأن مستقبل المملكة، منها انهيار النظام السعودي، خصوصاً بعد الأزمات المالية والعائلية التي تعصف بها بسبب التصرفات الطائشة لمحمد بن سلمان، وبالمقابل فإن معنويات المقاتلين اليمنيين في ذروتها ولن يوقفهم أي تهديد من قبل السلطات في المملكة، بحسب ما قالته الصحيفة.

إن الحديث عن سقوط النظام السعودي من قبل الصحيفة يكشف لنا حجم الابتزاز الذي تمارسه واشنطن على الرياض من خلال تهديد الأسرة السعودية بالسقوط إذا لم يستمروا في دفع مئات المليارات من الدولارات للخزانة الأمريكية مقابل عقود شراء أسلحة وصيانة و… و… إلخ.

كما كشفت الصحيفة عن عدم تأثر الجانب اليمني بطول الحرب التي دخلت عامها السادس رغم تفشي الأوبئة في اليمن وارتفاع نسبة الإصابات، إلا أن ذلك لم يمنعهم من مواصلة تقدمهم باتجاه محافظة مأرب، لاسيما وأنهم أصبحوا على مرمى حجر من مركز محافظة مأرب النفطية وآخر معقل لقوات الرئيس الفار “هادي” في شمال البلاد.

هذه الشهادة الأمريكية الصريحة تعري زيف المدعين عن تبعية القوى الوطنية “أنصار الله” لإيران، وتثبت أن الأنصار يديرون المعركة مع العدوان وفق المصلحة الوطنية العليا، بعيداً عن التجاذبات السياسية الإقليمية والدولية، وأن مصلحة اليمن فوق كل المصالح والاعتبارات، وأنهم من يحددون الوقت المناسب لأي عمل عسكري تصعيدي على مستوى الجبهات الداخلية أو الحدود وفق الإمكانيات المتاحة والظروف المناسبة.

لذلك جاء حديث الصحيفة عن القدرات العسكرية لبواسل الجيش واللجان الشعبية يحمل رسائل متعددة، حيث أكدت أن تنامي قدرات “الحوثيين” العسكرية واعتمادهم على أنفسهم في تصنيع الكثير من الأسلحة الاستراتيجية يؤهلهم ليصبحوا أكبر قوة في المنطقة. كما أن حرصهم على توطين خبرات التصنيع العسكري يعطيهم المزيد من استقلال القرار وقوة الموقف يوما بعد آخر.

وأضافت الصحيفة أن أنصار الله يمتلكون قدرة متميزة في حشد المقاتلين الأشداء واكتسبوا خبرة فائقة في القتال خلال سنوات الحرب الخمس الماضية، الأمر الذي أهلهم ليكونوا في مقدمة الجيوش الأكثر قوة في العالم، بالإضافة إلى امتلاكهم مشروعاً استقلالياً واضحاً يعبر عن تطلعاتهم، وسط تخبط منافسيهم في المنطقة بأسرها.

إن ما يستخلص هو أن هناك أمرين هامين ورسالتين رئيسيتين لواشنطن تريد إيصالهما للسعودية من خلال المقال.

الرسالة الأولى هي: القول بأنه لا بقاء لبني سعود ونظام حكمهم إلا باستمرار العلاقة مع أمريكا، والتي تدفع السعودية ثمنها تريليونات الدولارات، لذلك يجب أن يستمروا في الدفع لأمريكا إذا أرادوا البقاء. وكلنا نتذكر تصريح الرئيس الأمريكي ترامب عندما قال: “أيّها الملك، نحن نحميك، ربّما لن تتمكّن من البقاء لأسبوعين من دوننا، عليك أن تدفع لنا”، كما تعرض للسعودية وحكامها بالسخرية والإساءة والابتزاز العلني وفق الطريقة الترامبية الوقحة.

الرسالة الثانية هي: الحقيقة المّرة بالنسبة للأمريكي لكنه مرغم على البوح بها، وهي أن هناك قدرات عسكرية كبيرة ونوعية لا يستهان بها تمتلكها قوات الجيش واللجان الشعبية، لذلك أتى الاعتراف الأمريكي للخروج من الحرج الذي يطاله من إخفاق السلاح الأمريكي أمام الأسلحة النوعية التي صنعتها وطورتها الصناعات العسكرية اليمنية من صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، حيث أثبت فشل منظومة الباتريوت أمريكية الصنع التي جاء الحديث عن سحبها من المملكة قبل عدة أشهر، علاوة على أن الاعتراف هو رسالة للنظام السعودي عن حساسية المرحلة المقبلة، فاستمراره في العدوان سيكلفه خسائر باهظة لم يعد يقوى على احتمالها في ظل التقدم المستمر للجانب اليمني الذي أثبت براعته في إدارة المعركة باستراتيجية احترافية.

لذلك نحن اليوم أمام تحول حقيقي في مجرى الصراع مع الغزاة المعتدين ومرتزقتهم، بعد تحكم بواسل الجيش واللجان بقواعد الاشتباك والمعركة، والمضي وفق خطوات مدروسة على كل الأصعدة العسكرية والقتالية في تحرير كافة تراب الوطن، ولم يكن تطهير نهم والجوف إلا البداية، وتبقى الأعين صوب أرض سبأ (مأرب) التي أصبح تحريرها قاب قوسين أو أدنى.

مقالات ذات صلة

إغلاق