رويترز: العائلة الحاكمة في السعودية مستاءة من بن سلمان

محويت نت.

|| أخبار عربية ودولية ||

عبّر بعض أفراد الأسرة السعودية الحاكمة ونخبة من رجال الأعمال السعوديين عن إحباطهم من ولي العهد، محمد بن سلمان، في أعقاب أكبر هجوم على الإطلاق على البنية التحتية النفطية في المملكة الشهر الماضي، من قبل الجيش واللجان الشعبية.

وقال دبلوماسي أجنبي كبير وخمسة مصادر تربطها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال، بعدما طلبوا جميعا عدم نشر أسمائهم، إن هذا الأمر أثار قلقا وسط عدد من الفروع البارزة لعائلة آل سعود ذات النفوذ القوي، والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف، بشأن قدرة ولي العهد على الدفاع عن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وقيادتها. بحسب وكالة رويترز.

وقالت المصادر إن الهجوم أثار سخطاً وسط بعض الذين يعتقدون في دوائر النخبة أن ولي العهد سعى لتشديد قبضته على السلطة. وقال بعض هؤلاء الأشخاص إن الهجوم أثار انتقادات بين أولئك الذين يعتقدون أنه اتخذ موقفا عدوانيا مبالغا فيه تجاه إيران.

وقال أحد المصادر، وهو من النخبة السعودية الذي تربطه صلات بالعائلة المالكة: “ثمة حالة استياء شديد” من قيادة ولي العهد. كيف لم يتمكنوا من رصد الهجوم؟ “. وأضاف المصدر نفسه أن بعض الأشخاص في أوساط النخبة يقولون إنهم ” لا يثقون” في ولي العهد، الأمر الذي أكدته المصادر الأربعة الأخرى والدبلوماسي الكبير.

وقال ولي العهد السعودي، خلال مقابلة تلفزيونية بثتها محطة “سي.بي.إس” التلفزيونية الأميركية يوم الأحد، إن الدفاع عن السعودية أمر صعب نظرا لشساعة مساحة المملكة ونطاق التهديدات التي تواجهها. وقال: “من الصعب تغطية كل هذا بالكامل”. ودعا أيضا إلى اتخاذ إجراء عالمي “قوي وصارم” لردع إيران، لكنه قال إنه يفضل “الحل السلمي” على الحل العسكري.

تأجيج الاستياء

 

الاستقرار السياسي على المحك في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويخلف ولي العهد عمليا والده الملك سلمان، البالغ من العمر 83 عاما، وبن سلمان هو أيضا الحاكم الفعلي للمملكة وقد تعهد بتحويلها إلى دولة حديثة.

استهدفت هجمات الرابع عشر من سبتمبر/ أيلول وحدتين لمعالجة النفط لشركة أرامكو السعودية العملاقة، مما أدى في بادئ الأمر إلى توقف نصف إنتاج المملكة من النفط وهو ما يمثل خمسة في المائة من إنتاج النفط العالمي.

وألقت السعودية بالمسؤولية على إيران، وهو تقييم يشترك فيه المسؤولون الأميركيون. ونفى مسؤولون إيرانيون تورط بلادهم.

وقال الباحث لدى مؤسسة “تشاتام هاوس” البحثية في لندن، نيل كويليام: “لا يغيب عن السكان حجم هذه الهجمات ولا حقيقة أن (ولي العهد) هو وزير الدفاع وشقيقه هو نائب وزير الدفاع، ومع ذلك يمكن القول إن البلاد تعرضت لأكبر هجوم على الإطلاق”.

وأضاف كويليام، وهو خبير في شؤون السعودية والخليج: “هناك تقلص في الثقة في قدرته على تأمين البلاد، وهذا نتيجة لسياساته”، مشيرا إلى أن بن سلمان يشرف على السياسة الخارجية والأمنية والدفاعية.

وأجج الهجوم مشاعر استياء بدأت منذ تولي ولي العهد منصبه قبل عامين، إذ نحّى منافسيه على العرش واعتقل المئات من أبرز الشخصيات في المملكة بسبب مزاعم فساد. وتضررت سمعة بن سلمان في الخارج، بسبب حرب مكلفة في اليمن. وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف وأدت إلى أزمة إنسانية.

 

كما تعرض بن سلمان لانتقادات دولية، بسبب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي قبل عام في قنصلية المملكة في إسطنبول. وقالت وكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه”، إن ولي العهد السعودي هو الذي أمر بقتله. ونفى بن سلمان ذلك، أثناء المقابلة مع شبكة “سي.بي.إس”، لكنه قال إنه يتحمل في النهاية “المسؤولية الكاملة” بوصفه القائد الفعلي للمملكة.

وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، خلال حلقة نقاشية استضافها مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك في 24 سبتمبر/ أيلول، إن خاشقجي قُتل على أيدي عناصر من الحكومة السعودية دون تكليف أو إذن.

تعزيز السيطرة

يقول بعض المنتقدين السعوديين إن السياسة الخارجية العدائية التي ينتهجها بن سلمان تجاه إيران وتورطه في حرب اليمن عرّضا المملكة للهجوم، وفقا لأربعة من المصادر التي لها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال.

وعبروا أيضاً عن شعورهم بالإحباط لأن بن سلمان لم يتمكن من منع الهجمات على الرغم من إنفاق مئات مليارات الدولارات على الدفاع، وفقا للمصادر الخمسة وأحد كبار الدبلوماسيين.

وقال الجبير في تصريحاته في نيويورك في الآونة الأخيرة، إن وسائل الدفاع الجوي السعودية تصدت لمئات الصواريخ الباليستية وعشرات الطائرات المسيرة التي استهدفت المملكة. وأضاف أن الفشل في رصد هجوم الرابع عشر من سبتمبر/ أيلول “قيد البحث”، لكن “من الصعب للغاية رصد أجسام صغيرة تطير على ارتفاع 300 قدم”.

ويقول بعض أفراد النخبة السعودية، إن جهود بن سلمان لإحكام قبضته أضرت بالمملكة. وقال أحد المصادر المقربة من الدوائر الحكومية، إن بن سلمان جاء بمسؤولين أقل خبرة من السابق بشكل عام. وأزاح بن سلمان الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد ووزارة الداخلية قبل عامين. وكانت لولي العهد السابق خبرة لنحو 20 عاما في المناصب العليا بالوزارة، التي كانت مسؤولة عن الشرطة المحلية والاستخبارات.

وعين بن سلمان ابن عمه البالغ من العمر 33 عاما بدلا منه، بعدما جعل القطاعات الرئيسية للمخابرات ومكافحة الإرهاب ضمن اختصاص الديوان الملكي.

كما أطاح بن سلمان الأمير متعب بن عبد الله، الذي كان يشرف على قيادة الحرس الوطني ويتولى قيادته فعليا منذ عام 1996. وفي نهاية المطاف، حل محله في أواخر العام الماضي الأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز وكان عمره آنذاك 32 عاما وكان نائب أمير منطقة مكة لمدة تقل عن عامين، وقبل ذلك كان يعمل في الأعمال التجارية الخاصة. ولم يرد المكتب الإعلامي الحكومي السعودي على طلب للتعليق موجه إلى الأمير عبد الله.

الابن الأثير

يقول مطلعون سعوديون ودبلوماسيون غربيون إن الأسرة لن تعارض على الأرجح محمد بن سلمان خلال وجود الملك على قيد الحياة، وأقروا بأنه من غير المحتمل أن ينقلب الملك على ابنه الأثير. ونقل الملك معظم مسؤوليات الحكم لابنه، لكنه لا يزال يترأس اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية ويستقبل كبار الشخصيات الأجنبية.

وتقول المصادر نفسها إنه بصرف النظر عما سيحدث في المستقبل بعد الملك، فإن تحدي سلطة محمد بن سلمان قد يكون صعبا في ظل قبضته المُحكمة على هيكل الأمن الداخلي. وينظر بعض الأمراء إلى الأمير أحمد بن عبد العزيز، البالغ من العمر 77 عاما، وهو الأخ الشقيق الوحيد للملك سلمان المتبقي على قيد الحياة، كبديل ممكن يحظى بدعم أفراد الأسرة والجهاز الأمني وبعض القوى الغربية، على حد قول اثنين من المصادر الخمسة التي تربطها علاقات بالنخبة السعودية.

وقال أحد رجال الأعمال الكبار: “ينظرون جميعا إلى (الأمير) أحمد ليروا ما سيفعل. لا تزال العائلة تعتقد أنه الوحيد الذي يستطيع الحفاظ عليها”. ولا يوجد دليل على أن الأمير أحمد مستعد للقيام بهذا الدور، وفقا لمراقبين سعوديين. ولا يضطلع الأمير أحمد بدور رسمي، وظل بعيدا عن الأنظار إلى حد كبير منذ عودته إلى الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، بعد أن أمضى شهرين ونصف الشهر في الخارج.

 

وخلال الرحلة، بدا أنه ينتقد القيادة السعودية، بينما كان يرد على متظاهرين خارج مقر إقامته في لندن وهم يهتفون بسقوط أسرة آل سعود. وكان الأمير أحمد واحدا من ثلاثة أشخاص فقط في هيئة البيعة، التي تضم كبار أفراد الأسرة الحاكمة، عارضوا أن يصبح محمد بن سلمان ولي العهد في عام 2017، بحسب مصدرين سعوديين في ذلك الحين. ولم يتسن الوصول إلى الأمير أحمد للتعليق. وقال أحد المصادر الخمسة، التي لها صلات بالنخبة السعودية، إن موقف الأمير أحمد بشأن ما إذا كان سيتحدى بن سلمان هو: “سنعبر هذا الجسر عندما نصل إليه”.

مقالات ذات صلة

إغلاق