الكشف عن رقماً مهولاً لخسائر السعودية المالية في حربها على اليمن*

متابعات-محويت نت

تقوم المملكة العربية السعودية بإنفاق العديد من الأموال من أجل تمويل الحرب على اليمن فبحسب مجلة فوريان بوليسي الأمريكية أن هذه الأموال بلغت أكثر من 725 مليار دولار، فهل من الأحرى بالنسبة للمملكة العربية السعودية ومن أجل “التصدي للنفوذ الإيراني” أن تساعد جارتها اليمن- البلد الأكثر فقراً في المنطقة- من خلال تمويل البلد وإنفاق هذه الأموال على الاستثمارات وتطوير مواردها النفطية الغنية بدلاً من عرقلة أي خطى للتنمية في هذا البلد

حورية آيت قاسي|صحيفة “لوماتان داليجيري” الناطقة بالفرنسية :

مر عامان منذ بدء التدخل العسكري لقوات التحالف العربي- الغربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، حيث اٌرتكبت خلالهما العديد من جرائم الحرب تحت غطاء الإسلام ولكن الرأي العام تجاهلها وتجاهل هذه المنطقة من العالم التي تحولت إلى أرض تشتعل فيها نيران الصراعات بسبب أولئك الذين يخططون لنشر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

ولا زال الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد الأخر بسبب الممارسات التي تقوم بها أغنى ممالك النفط والتي تتلقى الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا العظمى وفرنسا، ضد أحد البلدان الأكثر فقراً والذي لا يملك ذنباً سوى أنه الجمهورية الوحيدة في المنطقة التي تريد فقط الحفاظ على استقلالها. فمنذ 26 مارس 2015، يتعرض هذا البلد للقصف المستمر الذي يستهدف المدنيين، فضلاً عن الحصار الذي فرض عليهم والمجاعة التي تتربص بهم مما أدى إلى وقوع آلاف الضحايا. ناهيك عن قيام قوات التحالف العربي باستخدام قنابل محظورة وإسقاطها على الأطفال اليمنيين في حين أن الأغلبية الساحقة للدول العربية ووسائل الإعلام الخاصة على دراية كاملة بهذه الخروقات الا أنها تراقب هذا التواطؤ وتتعمد التزام الصمت حيال مثل هذه الإبادات الجماعية دون أن تحرك ساكن.

يتم شن هذه الحرب الجائرة على شعب مظلوم تعرض لخيانة زعماءه، هؤلاء الزعماء الذين يطالبون ب “الوحدة العربية” و”وحدة الأمة الإسلامية”، هم أنفسهم من يقومون بمهاجمة الشعب العربي والإسلامي. يا له من نفاق ! ذلك أنه طوال هذه السنوات تتم مواساة هذا الشعب بواسطة شعارات زائفة لا تعود بالفائدة سوى على قادتهم كما أنها شعارات متناقضة تماماً لأفعالهم الواقعية، وقد تم الإعلان عن هذه الحرب تنفيذاً لأوامر الملك سلمان، ملك السعودية، و”خادم الحرمين الشريفين” الذي يدعي بزعامته على العالم الإسلامي!

تعرض الشعب للخيانة:

على غرار وجهة نظرها المعادية لمثل هذه الحرب الجائرة، تقوم وسائل الإعلام الرئيسية سواء الغربية أو العربية باتخاذ موقفاً متحيزاً في هذا الصراع فمن جهة تتفق بالإجماع علية ومن جهة أخرى تقوم باختزاله وتصويره على أنه صراع طائفي بين السنة والشيعة، كما أنها تقوم بتقديم المعتدي (المملكة العربية السعودية) على أنها ضحية لمؤامرة شيعية.

من الممكن تفسير هذه الخطة الإعلامية بأنها تتبع للوسائل الإعلامية الرئيسية للدول الأعضاء المشاركة في هذا التحالف، فمن خلال هذه الخطة، تمكنت هذه الدول من دعم سياستها الخارجية ومصالحها الاقتصادية، الجغرافية والسياسية. ولكن هذا لا يفسر المقالات الافتتاحية التي تتصدر وسائل الإعلام التي تتبع للدول الغير منضمة أو حتى الدول المعارضة لهذا التحالف ضد اليمن، مثل الجزائر؟ هل هذا يعني الهيمنة الإعلامية وهو أن الصحافة السائدة (المسيطرة) هي محور التحكم؟ ولكن على الرغم من ذلك، فإن هناك مصادر متنوعة للمعلومات والتحليل متاحة عبر شبكة الإنترنت، وأولها الصحافة اليمنية ومواقع الأخبار اليمنية التي لا زالت تمارس عملها بكل شجاعة رغم الحرب وتهديداتها.

ولابد أن يكون لهذه الحرب التي دخلت عامها الثالث عواقب وخيمة، قصف بلا هوادة، استخدام أسلحة محظورة، توجيه هجمات ضد المدنيين واستهداف البنية التحتية للبلد، وحصار شامل (بري، بحري وجوي)، كل هذه التداعيات ترجمت نفسها بالأعداد الهائلة للضحايا وليس هذا فقط فإلى جانب الضحايا الذين بلغ عددهم أكثر من 11.000 قتيل ( من ضمنهم أكثر من 1.546 طفل بحسب منظمة اليونسف) والجرحى البالغ عددهم 24.500 هناك زهاء 7 مليون شخص اضطروا إلى ترك مساكنهم والنزوح هرباً من القصف.

17 مليون يمني يواجهون خطر الموت جوعاً:

قد تتسبب المجاعة في قتل ضحايا أكثر من الضحايا الذين أوقعهم القصف، فبحسب منظمة الأغذية والزراعة FAO أن شبح المجاعة يتربص ب 17 مليون شخص أي ما يقارب من 70% من السكان، كما حذرت المنظمة من خطر “الوقوع في المجاعة” في حال لم يتم توفير أي مساعدات إنسانية لاسيما في المناطق التي تشهد معارك عنيفة مثل محافظتي تعز والحديدة.

كما أعلنت منظمة اليونسف حالة الطوارئ للتأهب لمواجهة الكارثة الإنسانية وشيكة الحدوث في اليمن، حيث قال الدكتور ميريتكسل ريلانو، ممثل المنظمة في اليمن ” نحن نواجه أعلى معدلات سوء التغذية الحادة التي تم تسجيلها على الإطلاق في تاريخ اليمن، فمن بين 2,2 مليون طفل ممن يعانون سوء التغذية، هناك 462.000 طفل يعاني من سوء التغذية الخطر والشديد. وهذا يعني أن الطفل الذي يعاني من سوء التغذية الخطر والشديد هو أكثر عرضة 10 مرات للوفاة إن لم يتم معالجته في الوقت المناسب وذلك مقارنة بطفل وبنفس العمر ولكنه يتمتع بصحة جيدة”.

حالة انعدام الأمن الناجمة عن الهجمات التي تقوم بتنفيذها قوات التحالف العربي والتي تستهدف سبل عيش المواطنين اليمنيين مثل ( المزارع، قوارب الصيد، السدود والجسور والماشية)، ناهيك عن المعارك العنيفة التي تدور على طول الساحل الغربي والتي ألحقت الضرر الجسيم بمحافظة الحديدة حيث يقع أحد أكبر الموانئ في اليمن.

ومن خلال تقرير منظمة الأمم المتحدة يتضح أن معارك الموانئ العنيفة تشكل خطراً على واردات البلد إذ أن ” الواردات في اليمن تمثل 90% من الغذاء الرئيسي في البلد وقد حالت القيود المفروضة دون وصولها بالإضافة إلى توقف عملية الصيد التي تعد واحدة من أهم مصادر الغذاء والدخل بسبب فقدان القوارب والشبك وغيرها من المعدات اللازمة لهذه العملية”.

فضلاً عن ذلك، هناك ما لا يقل عن 2 مليون أسرة يمنية ممن يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة هم بالفعل يفتقرون لأبسط الاحتياجات مثل البذور، الأسمدة والوقود اللازم لتشغيل أنظمة الري.

من المؤكد أن أطفال اليمن سيعانون طوال حياتهم من العواقب الوخيمة لسوء التغذية، حتى وإن تمكنوا من البقاء على قيد الحياة رغم هذه الكارثة، إلا أن صور القصف المستمر الذي طال منازلهم، مدارسهم، ملاعبهم بالإضافة إلى الأسواق، المساجد، المستشفيات، قاعات الاحتفالات، المصانع، المزارع، قوارب الصيد، لن تبرح ذاكرتهم بل سيذكرونها إلى الأبد، فكل مخلوق يتنفس في هذه الحياة أصبح عرضة للقصف ، حتى المعالم التاريخية والآثار لم تسلم هي أيضاً في محاولة لمحو التاريخ الطويل للحضارة اليمنية التي تعد من أهم وأقدم الحضارات في العالم.

يعتبر استخدام قوات التحالف العربي للأسلحة المحظورة هو أحد الخروقات التي قامت بها خلال حربها على اليمن متحدية بذلك جميع القوانين الدولية، وقد تسببت مثل هذه الأسلحة في تشوهات خلقية للأطفال حديثي الولادة حيث تم تسجيل بعض الحالات بحسب مستشفى السبعين الواقع في العاصمة صنعاء. وقد أكدت قناة المسيرة هذه المعلومات إذ أعلنت في 22 مارس أنه ” تم تسجيل أكثر من 5 حالات مشوهه لأطفال حديثي الولادة وعن طريق الصدفة أتضح أن جميع هذه الحالات قادمة من المناطق الساحلية غرب اليمن ويعني محافظة الحديدة وحرض التي تتعرض للقصف السعودي الأمريكي المكثف”، وأضافت قناة المسيرة أنهم “استخدموا أسلحة كيماوية وأخرى محرمة دولياً قاموا بتجربتها على اليمنيين”.

الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي قام بالاستقالة وأثار الجدل الصخب بعد طلبه للمساعدة والتدخل الأجنبي ضد بلاده وشعبه، وهذا يعني أن حياة الملايين من اليمنيين لا تستحق التضحية من أجلها بل من الممكن التضحية بهؤلاء الأبرياء من أجل عودته إلى سدة الحكم، الأمر الذي اعتبره العالم بأسرة خيانة للوطن والشعب في آن واحد. ما الفائدة التي جناها من دعوته لقوات التحالف العربي ودعم الشرعية في اليمن؟ لماذا لم يترك لليمنيين أنفسهم أمر تسوية خلافاتهم الداخلية من خلال الحوار السياسي بدلاً من إشعال فتيل هذه الحرب الدامية؟ هل تستحق أرواح الملايين من اليمنيين أن تتم التضحية بها تحت ذريعة ” التصدي للنفوذ الإيراني” من خلال جماعة الحوثي (حركة دينية سياسية تستوحي أفكارها من الثورة الخمينية)؟.

مزاعم وادعاءات كاذبة:

وفي حال بالفعل كانت الحركة الحوثية تستوحي أفكارها من الثورة الخمينية، والحوثيين قاموا بهذه الانتفاضة رفضاً لتهميشهم من قبل مختلف الحكومات وللظلم الذي يخيم على اليمن، لماذا لم تتخذ المملكة العربية السعودية أفكاراً أخرى أو تتبع وسائل سلمية أخرى للتصدي لهذا النفوذ بدلاً من إثارة هذه الحرب التي تهدف إلى إبادة اليمنيين كافه، بصرف النظر عما إذا كانت الأطراف المتحاربة تتبع للطائفة الشيعية أو السنية؟ حيث أن الرياض تقوم بإتباع أساليب بارعة من خلال تمويلها لحزب الإصلاح (جماعة سلفية) وجميع القبائل اليمنية لاسيما في المناطق الجنوبية التي تسعى إلى الانفصال عن المناطق الشمالية. فهل هذا النفوذ المتعثر هو أيضاً يتم تمويله؟.

تقوم المملكة العربية السعودية بإنفاق العديد من الأموال من أجل تمويل الحرب على اليمن فبحسب مجلة فوريان بوليسي الأمريكية أن هذه الأموال بلغت أكثر من 725 مليار دولار، فهل من الأحرى بالنسبة للمملكة العربية السعودية ومن أجل “التصدي للنفوذ الإيراني” أن تساعد جارتها اليمن- البلد الأكثر فقراً في المنطقة- من خلال تمويل البلد وإنفاق هذه الأموال على الاستثمارات وتطوير مواردها النفطية الغنية بدلاً من عرقلة أي خطى للتنمية في هذا البلد الذي تعتبره فناءها الخلفي؟

 

مقالات ذات صلة

إغلاق